قراءة تحليلية لخطاب حسين مروّة في التراث العربي والفكر الإسلامي في ضوء المادية التاريخية

الملخص

يقدّم هذا البحث قراءة تحليلية في خطاب المفكّر حسين مروة (1908 – 1987 م) ومشروعه الفكري والثقافي، باعتباره أحد أبرز أعلام الفكر والنقد الاشتراكي العربي في القرن العشرين، وذلك من خلال مقاربة منهجه في دراسة التراث العربي - الإسلامي على ضوء المادية التاريخية. فمع أن سؤال التراث ظلّ هاجساً مركزياً في الفكر العربي الحديث، بقيت قراءاته محصورة ــ لزمن طويل ــ داخل الأطر السلفية التي احتكرت حقّ تفسيره واعتبرت نفسها الوصيّ الشرعي عليه. وقد جاء مشروع مروة ليقوّض هذا الاحتكار، عبر مقاربة نقدية موسوعية أعادت قراءة المدونات الفلسفية والكلامية والفقهية بوصفها نتاجاً لشروطها الاجتماعية -الاقتصادية والتاريخية، كما تتجلّى بوضوح في عمله الموسوعي النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية.

يتتبّع البحث آليات قراءة مروة للتراث باعتباره بنية تاريخية متحوّلة تخضع لقوانين الصيرورة الاجتماعية، لا كياناً مقدّساً ثابتا.  وبذلك يحوّل مروة التراث من ماضٍ جامدٍ منعزل إلى فضاء معرفي حيّ تتفاعل داخله منجزات الماضي مع أسئلة الحاضر وإمكانات المستقبل في حركة جدلية مستمرة. ويوضح البحث كيف سعى مروة إلى إعادة بناء التاريخ الفكري العربي - الإسلامي بوصفه عملاً مفتوحاً على التحليل والسؤال، لا وثيقة منغلقة على التقديس.

كما يبرز البحث القيمة الإبستمولوجية والمنهجية لمشروع مروة ضمن النقاشات الراهنة حول تجديد قراءة التراث، مؤكداً ضرورة مقاربته نقدياً وبصورة تاريخية علمية تتيح دمجه من جديد في الوعي الثقافي العربي المعاصر، وفي بناء رؤية حضارية حديثة تستلهم الماضي دون الارتهان إليه