جماعة كركوك: طليعة روّاد قصيدة النثر العراقية الحديثة دراسة وصفية

الملخص

خاضت قصيدة النثر العراقية، منذ ستينيات القرن الماضي، منافسة حادّة مع كلٍّ من الشعر الحرّ والشعر العمودي على موقع الصدارة الأدبية، متطوّرةً في سياقات سياسية واجتماعية مضطربة أفرزت أجيالاً شعرية متمايزة وعمّقت التفاعل بين الشعر والسياسة، بما ولّد توتّرات ثقافية وجمالية متعدّدة. وفي خضمّ هذه التحوّلات، برز اتجاهان رئيسان: اتجاه تجريبي محافظ يمدّد مشروع روّاد الشعر الحر، واتجاه طليعي يقوم على التجريب الجذري والتمرّد على المعايير الكلاسيكية والحداثية معاً. وفي مقدّمة هذا الاتجاه الأخير جاءت "جماعة كركوك" التي انبثق أعضاؤها من بيئة المدينة المتعدّدة اللغات والثقافات، فصاغوا رؤية شعرية تمزج بين التراث العربي، والروحانيات الصوفية، ومؤثّرات الطليعة الغربية.

مزجت أعمالهم بين قصيدة النثر، والبنى المفتوحة للنص، والتجريب التناصي، التي تتحدّى الأشكال الموروثة وتعكس في الوقت نفسه هواجس الوجود والواقعين الاجتماعي والسياسي. ويتناول هذا البحث ابتكارات "جماعة كركوك" الجمالية، وآليات دمج السردي بالنثري، وموقفهم المناهض للجماليات الرسمية التي تبنّاها النظام السياسي، إضافةً إلى أثر التهميش السياسي الذي دفع بكثير منهم إلى المنافي إبّان حقبة البعث، لكنه في المقابل وسّع حضورهم العابر للحدود. ومن خلال دراسة نماذج لشعراء مثل فاضل العزّاوي وسركون بولص، يجادل البحث بأن إرث جماعة كركوك أعاد صياغة ملامح الشعر العراقي الحديث، ورسّخ مفهوم الاستقلالية الفنية، ورسم مرحلة حاسمة في تطوّر الشعرية العربية الحديثة.